واكتملت منظومة السلاح الغربيّ في أوكرانيا

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

واكتملت منظومة السلاح الغربيّ في أوكرانيا شكرا لمتابعتكم خبر جديد عن

في بُعد الخداع العسكريّ، لا يجب التركيز على حيث القعقعة على امتداد المسرح الحربيّ. فهي فعل متعمّد من العدو بهدف الإلهاء عن الهمس، حيث تُستكمل المخططات العسكريّة الأساسيّة. فالحرب تقوم على الخداع، وذلك حسب المفكّر العسكريّ الصينيّ صان تسو في كتابه «فنّ الحرب».

تختلف الحرب الأوكرانيّة عن غيرها من الحروب بغياب عامل المفاجأة بين المتقاتلين. فالمسرح والخطط أصبحت كتاباً مفتوحاً لمَن هم معنيون مباشرة بالحرب، أو الذين يراقبون ويكتبون عنها.

دبابات «ليوبارد» الألمانية التي حصلت عليها أوكرانيا استعداداً للهجوم المضاد (أ.ب)

 

على سبيل المثال، أين سيكون الهجوم الأوكراني المنتظر؟ في الشرق؟ وهو الأكثر جهوزيّة للقوات الروسيّة. وهو الذي على تماس مباشر مع الأراضي الروسيّة، الأمر الذي يسهّل اللوجيستيّة للقوات الروسيّة؟ هل سيكون الهجوم في الجنوب من زابوروجيا إلى بحر آزوف بهدف قطع ما يُسمّى «الجسر البرّي الروسيّ؟»، فهذه المنطقة مثالية للهجومات المدرّعة، وهي أرض سهلة منبسطة تسهّل الحركيّة، خصوصاً بعد تسلّم أوكرانيا المدرعات، والدبابات الثقيلة من الغرب. لكن ماذا عن الدفاعات والتحصينات الروسيّة الأخيرة في هذه المنطقة؟ وماذا عن عامل الطقس والوحل؟ وماذا عن السلاح الجوّي الروسيّ، وهو الذي لم يستعمل بكثرة منذ بدء الحرب؟

قوات أوكرانية في إقليم دونيتسك قريباً من باخموت (أ.ب)

 

إذاً في غياب عامل المفاجأة كما حصل في عملية استرداد إقليم خاركيف من قبيل القوات الأوكرانيّة، يظهر لنا نمطان من السلوك العملانيّ – التكتيكيّ. نمط للقوات الروسيّة، وآخر للقوات الأوكرانيّة، وهما:

النمط الروسيّ: السيطرة على أكبر قدر من المساحة الأوكرانيّة، الدفاع عنها بكل ما هو ممكن، توسيع المعركة قدر الإمكان لتشتيت القوات الأوكرانيّة، استنزاف القوات الأوكرانيّة، وحتى استنزاف المجتمع الأوكراني عبر قصف المدن والبنى التحتيّة، كما استنزاف عزيمة الغرب. وأخيراً وليس آخراً، الاعتماد على «الكم»، مقابل «النوعيّة»، إن كان في السلاح أو الجنود المقاتلين. ألم يقل الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين: «للكميّة نوعيّة بحد ذاتها»؟

النمط الأوكرانيّ: الصمود قدر الإمكان، حثّ الغرب على مزيد من السلاح المتطوّر، السعي لتأكيد التعهّد الغربي باستمرار الدعم بشكل مستمرّ. إما عملانياً أو تكتيكيّاً، وبسبب التفاوت الكبير في موازين القوى مع الجيش الروسيّ، وبسبب كبر المساحة التي تُخاض عليها المعارك، كما طول جبهة المواجهة تحاول القوات الأوكرانيّة نقل جزء بسيط من الحرب إلى داخل الأرض الروسيّة (وهذا الأمر لن يكون مؤثراً)، ضرب العمق العسكري الروسيّ، كما ضرب البنى التحتيّة المتعلّقة مباشرة بلوجيستيّة الجيش الروسيّ. وأخيراً وليس آخراً، وهنا بيت القصيد، السعي الدائم لإيجاد نقاط الضعف الروسيّة على الجبهة، والسعي إلى التركيز عليها لتحقيق انتصارات تكتيكيّة متلاحقة، علّها مع الوقت تتراكم لتؤدّي إلى إنجازات عملانيّة – استراتيجيّة. كل هذا بانتظار الهجوم الأوكراني الموعود. فهل كل ما يقوم به الجيش الأوكراني حالياً يهدف إلى «تحضير الأرضيّة للهجوم المرتقب». الجواب، كثافة الضباب في الحرب حالياً أمام المتابعين والمحلّلين مرتفعة جدّاً.

 

دخول «إف – 16» مسرح العمليات

 

يعتبر قرار الرئيس بايدن السماح بتدريب الطيارين الأوكرانيين على الطائرة «إف – 16» تحوّلاً مهماً (أ.ف.ب)

 

يُصنّف الخبراء العسكريون الجيش الأوكراني على أنه من أقوى جيوش العالم. فهو الجيش الذي جرّب القتال ضد جيش قوّة تعتبر نفسها «عظمى». وهو استطاع بما يملك من وسائل متواضعة، منع الجيش الروسيّ من تحقيق الأهداف السياسيّة التي وضعها الكرملين، وذلك في حرب مرتفعة الحدّة. وهو الذي يستنزف الجيش الروسي يوميّاً، إن كان في العتاد، أو العديد. والأخطر كان في ضرب صورة هذا الجيش العظيم، وإظهار منظومة السلاح الروسيّة على أنها لا تُقارن أبداً بمنظومة السلاح الغربيّة. وهذا أمر سيؤثر سلباً في سوق السلاح الروسيّة، كون روسيا تصنّف المصدّر الثاني في العالم للسلاح بعد الولايات المتحدة. وأخيراً وليس آخراً، صنع الجيش الأوكراني رقماً قياسيّاً في القدرة على الانتقال من عقيدة القتال الشرقيّة إلى العقيدة الغربيّة، كما القدرة على استعمال السلاح الغربيّ بسهولة، وتحقيق نتائج غير متوقّعة. كل هذا خلال سنة وبضعة أشهر.

يعتبر قرار الرئيس بايدن السماح بتدريب الطيارين الأوكرانيين على الطائرة «إف – 16» تحوّلاً مهماً. لكنه يندرج ضمن نمط معيّن تكوّن منذ بدء الحرب. والقرار يندرج ضمن إطار استراتيجيّ كان رئيس الأركان الأميركيّ قد وضعه، وهو على الشكل التالي؛ نعطي السلاح لأوكرانيا باعتماد المعايير التالية: مدى الحاجة العملانيّة للسلاح، شرط القدرة على الاستعمال، القدرة على الصيانة، وبشكل لا يثير حفيظة الكرملين… فهل تحتاج أوكرانيا اليوم الـ«إف – 16»؟

وزير الدفاع الأوكراني مع نظيره البريطاني… كلّما قالت أميركا كلمة «لا» لتسليم سلاح معيّن لأوكرانيا أتى الضغط عليها من الحلفاء وعلى رأسهم بريطانيا (رويترز)

كلّما قالت أميركا كلمة «لا» لتسليم سلاح معيّن لأوكرانيا، أتى الضغط عليها من الحلفاء وعلى رأسهم بريطانيا. وبعد الضغط كانت أميركا تستسلم للأمر الواقع. حصل هذا الأمر مع الدبابات الثقيلة، ومع الـ«إف – 16» اليوم. وقد يحصل لاحقاً مع الصواريخ بعيدة المدى (300 كيلومتر) بعد أن قررت بريطانيا تسليم أوكرانيا صواريخ «كروز ستورم شادو»، التي يبلغ مداها 250 كيلومتراً.

 

اكتمال منظومة السلاح

تدريب العسكر على القتال المشترك كما التجهيز، صواريخ مضادة للطائرات تطلق عن الكتف، وصواريخ مضادة للدبابات، وسلاح هندسة لنزع وزرع الألغام، كما لبناء الجسور على الممرات المائيّة، ومسيّرات من الأنواع والأصناف كلها، وعربات مدرّعة، ودبابات ثقيلة مع آليات خاصة بها للإخلاء، وأجهزة اتصال لا يمكن تدميرها، وصواريخ دفاعات جويّة تُكمّل بعضها بعضاً من ضمن منظومة، «ناسام، وإيريس – ت، وهوك، والباتريوت» هذا عدا الصواريخ الروسية من «إس – 300 وبوك». لكن هذه المنظومة المعقدة من السلاح، تستوجب الاستعلام التكتيكي المستمرّ، وهذا أيضاً أمر مؤمّن، عتاد للإخلاء الصحيّ. وأخيراً وليس آخراً، الـ«إف – 16»، وهي الأكثر صعوبة للتنفيذ، خصوصاً في التدريب، والتعهّد، وتراكم الخبرات في القتال الجويّ.

كاتب مقالات في موقع اونلي ليبانون, حيث أقوم بكتابة المقالات بمجالات مختلفة ومتنوعة. لدي سنوات عديدة من الخبرة في مجال الإعلام والصحافة والتسويق وأحمل شهادة البكالوريوس في التسويق كما قد قمت بتطوير مواهبي في الصحافة بعد أن بدأت العمل في هذا المجال

‫0 تعليق

اترك تعليقاً