تفجير السد يهدد بإغراق «الهجوم المضاد»

تفجير السد يهدد بإغراق «الهجوم المضاد» شكرا لمتابعتكم خبر جديد عن

استمرار تبادل الاتهامات بين كييف وموسكو في مجلس الأمن… وواشنطن ولندن «ليستا متأكدتين»

أدى التدمير الجزئي لسد كاخوفكا في أوكرانيا، الذي تتبادل موسكو وكييف الاتهام بالمسؤولية عنه، إلى إغراق العديد من البلدات وإجلاء آلاف الأشخاص، وتسبب في انقطاع مياه الشرب وفيضانات على طول نهر دنيبر ما يثير مخاوف من تفاقم كارثة إنسانية. وانهار الثلاثاء السد الحيوي الذي يقع في الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا حاليا من منطقة خيرسون الأوكرانية، مما أدى لغمر أجزاء كبيرة من المنطقة التي تدور بها الحرب على طول خط المواجهة.

شوارع خيرسون التي غمرتها المياه (أ.ب)

وتقول أوكرانيا إن روسيا ارتكبت جريمة حرب متعمدة بتفجير السد الذي يعود للفترة السوفياتية. وألقى الكرملين باللوم على أوكرانيا قائلا إنها تحاول تشتيت الانتباه عن إطلاق هجوم مضاد كبير تصفه موسكو بأنه يترنح.

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الأربعاء إن تدمير السد حرم مئات الآلاف من وسيلة عادية للحصول على مياه الشرب. وكتب زيلينسكي على تطبيق «تلغرام»: «لا شك أن تدمير واحد من أكبر خزانات المياه في أوكرانيا كان متعمدا… تُرك مئات الآلاف من دون وسيلة عادية للحصول على مياه الشرب». وقال مسؤولون إن أجزاء في مناطق دنيبرو بتروفسك وزابوريجيا وميكولايف وخيرسون في الجنوب والجنوب الشرقي ستعاني من اضطرابات في إمدادات المياه.

وقال أوليكسي كوليبا نائب رئيس ديوان الرئاسة الأوكرانية إن «الوضع صعب في منطقة كورابيلني بمدينة خيرسون»، مؤكدا أن عمليات إجلاء سكان المنطقة ستستمر الأربعاء وفي الأيام المقبلة بالحافلات والقطارات. وقال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال في كلمة عبر الإنترنت خلال اجتماع لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إن روسيا تسببت في «واحدة من أسوأ الكوارث البيئية في العقود الأخيرة».

وحذرت وزارة الصحة من المخاطر الصحية المحتملة بسبب الكيماويات الموجودة بالمياه، وحثت السكان على الشرب من زجاجات المياه المعبأة والصالحة فحسب، واستخدام مياه صالحة للشرب عند الطهي.

وأظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية لشركة «ماكسار تكنولوجيز» حدوث فيضان واسع النطاق في جنوب أوكرانيا ودمار كبير للسد ومحطة الطاقة الكهرومائية بالمنطقة. ورغم الإدانات الدولية للحادث، فإن كثيرا من قادة العالم وخصوصا حلفاء أوكرانيا توخوا الحذر في توجيه أصابع الاتهام إلى أي من الطرفين المتنازعين في الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا منذ 24 فبراير (شباط) 2022.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خلال زيارة إلى الولايات المتحدة، إن الاستخبارات البريطانية تعمل على تقييم ما حدث ومن المبكر للغاية القول من المسؤول عن التفجير. ولكن في حال كانت روسيا هي المسؤولة فسوف يكون ذلك أكبر هجوم على البنية التحتية المدنية منذ غزت روسيا أوكرانيا.

وقالت الولايات المتحدة إنها «ليست متأكدة» من هوية الطرف المسؤول عن تفجير السد، وذلك في الوقت الذي تبادلت فيه كييف وموسكو الاتهامات في الأمم المتحدة بشأن المسؤولية عن الكارثة.

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن المنظمة الدولية لا تملك أي معلومات من مصادر مستقلة حول كيفية انفجار السد (رويترز)

واجتمع مجلس الأمن الدولي المكون من 15 عضوا الثلاثاء بطلب من كل من روسيا وأوكرانيا. وردا على سؤال إن كانت الولايات المتحدة تعرف الطرف المسؤول، قال روبرت وود نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة للصحافيين قبيل اجتماع المجلس: «لسنا متأكدين على الإطلاق. نأمل في أن يتوفر لدينا مزيد من المعلومات خلال الأيام المقبلة». وأضاف «لكن… لماذا ستفعل أوكرانيا ذلك بأرضها وشعبها… تُغرق أرضها وتجبر عشرات الآلاف على مغادرة منازلهم… هذا ليس منطقيا».

روبرت وود نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة (أ.ب)

من جهته، عبر السفير الصيني تشانغ جون عن قلقه من خطر «إطالة أو حتى تصعيد الأزمة في أوكرانيا». وقال إن «ما حدث للتو يذكرنا مرة أخرى بأن أي شيء يمكن أن يحدث في أي نزاع»، داعيا الطرفين إلى «التحلي بالحس السليم وضبط النفس واستئناف المفاوضات بسلام في أقرب وقت ممكن».

عبر السفير الصيني تشانغ جون عن قلقه من خطر «إطالة أو حتى تصعيد الأزمة في أوكرانيا» (أ.ب)

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن المنظمة الدولية لا تملك أي معلومات من مصادر مستقلة حول كيفية انفجار السد لكنه وصف الأمر بأنه «نتيجة مدمرة أخرى للغزو الروسي لأوكرانيا».

وأكد كثير من أعضاء مجلس الأمن أيضا خلال اجتماع الثلاثاء أن الأزمة ما كانت لتحدث لولا غزو روسيا لجارتها أوكرانيا في فبراير من العام الماضي.

وقال مسؤولون أوكرانيون اليوم الأربعاء، إن فيضان السد سوف يكون له تداعيات مدمرة على المنطقة لفترة من الوقت. وأفادت هيئة الأركان العامة الأوكرانية بأن المياه من خزان كاخوفكا ما زالت تتدفق من جدران السد المدمرة، لتفيض على أجزاء كبيرة من المنطقة في جنوب أوكرانيا، حيث يوجد نحو 80 تجمعا سكانيا في السهول المنخفضة.

وقالت شركة «ماكسار تكنولوجيز» للأقمار الصناعية إن صورا لمساحة تتجاوز 2500 كيلومتر مربع بين نوفا كاخوفكا وخليج دنيبروفسكا جنوب غربي مدينة خيرسون المطلة على البحر الأسود تظهر أن المياه غمرت العديد من البلدات والقرى. وتظهر الصور المنازل والمباني غارقة في المياه، ولا يظهر منها في كثير من الصور سوى الأسطح، بينما تغطي المياه الحدائق والأراضي والبنية التحتية.

صورة وزعتها شركة «ماكسار تكنولوجيز» للأقمار الصناعية لمنطقة خيرسون قبل وبعد الحادث (أ.ف.ب)

وألقى فاسيلي نيبينزيا سفير روسيا لدى الأمم المتحدة بالمسؤولية على أوكرانيا، ولكن دون تقديم أي دليل، واتهمها بمحاولة خلق «الفرص المواتية» لإعادة تنظيم وحداتها العسكرية لمواصلة هجوم مضاد.

وقال نيبينزيا للمجلس: «تخريب كييف المتعمد لأحد مرافق البنية التحتية الحيوية هو أمر خطير للغاية، ويمكن تصنيفه على أنه جريمة حرب أو عمل إرهابي».

ألقى فاسيلي نيبينزيا سفير روسيا لدى الأمم المتحدة بالمسؤولية على أوكرانيا (أ.ب)

واتهم سيرغي كيسليتسيا سفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة روسيا بارتكاب «عمل إرهابي يستهدف البنية التحتية الحيوية الأوكرانية» لكنه لم يقدم أي دليل. وأضاف كيسليتسيا «من المستحيل عمليا أن نفجره من الخارج عن طريق القذف… لقد زرع فيه المحتلون الروس الألغام وفجروه».

اتهم سيرغي كيسليتسيا سفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة روسيا بارتكاب «عمل إرهابي يستهدف البنية التحتية الحيوية الأوكرانية» (أ.ب)

وقال مارتن غريفيث منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة أمام المجلس: «حجم الكارثة لن يتضح بالكامل إلا في الأيام المقبلة». وأضاف «لكن من الواضح بالفعل أنه ستكون هناك تبعات جسيمة وواسعة الأثر على الآلاف في جنوب أوكرانيا على جانبي خط المواجهة تتمثل في فقدان المنازل والطعام وإمدادات المياه الآمنة وسبل المعيشة».

قال مارتن غريفيث منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة أمام المجلس: «حجم الكارثة لن يتضح بالكامل إلا في الأيام المقبلة» (أ.ب)

ويمد السد الرئيسي بالمياه شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014، ويقع على طريق التقدم المحتمل للقوات الأوكرانية لاستعادة أراضيها.

وقالت ناتاليا كورج (68 سنة) التي تقيم في المدينة إنها اضطرت للسباحة لتغادر منزلها. وأضافت «كل أغراضي تحت الماء. ثلاجتي تطفو. كل شيء. تعودنا على إطلاق (المدفعية)، لكن الكارثة الطبيعية هي كابوس حقيقي. لم أتوقع ذلك».

كانت ناتاليا تتحدث لوكالة الصحافة الفرنسية حافية القدمين وباردة اليدين بعد إنقاذها. ولم تتمكن من حمل أكثر من بعض الأشياء والأدوية معها وتركت كلبيها وقطتها. وقالت: «لا أعرف ما حدث لهم».

وقالت سفيتلانا أبراموفيتش (56 عاما): «إما أن يأتي الخطر من هناك، وإما من هنا»، مشيرة إلى خط المواجهة حيث تتمركز المدافع الروسية وإلى الماء عند قدميها. وذكر المتحدث باسم إدارة الطوارئ الأوكرانية أولكسندر خورونيتش «تم إجلاء أكثر من 1450 شخصاً» من المناطق التي غمرتها الفيضانات الخاضعة لسيطرة كييف.

وعلى الجانب الروسي أجلت السلطات 1274 شخصا. وغادر عدد غير معروف من المدنيين مناطق الفيضانات بمفردهم. وقال الشرطي سيرغي (38 عاما) الذي التقته وكالة الصحافة الفرنسية في خيرسون: «أنقذنا ثلاثين شخصا اليوم بينهم طفل… وسنعمل حتى إخراج الجميع».

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

X خبر جديد