
تذكرة بتأثير البابا شنودة الثالث
في الثالث من أغسطس، يحيي الأقباط ذكرى ميلاد البابا شنودة الثالث، الشخصية الكارزمية التي تركت بصمة واضحة في تاريخ الكنيسة القبطية والشقاء الوطني المصري. يُعتبر البابا شنودة، الذي شغل منصب بطريرك الإسكندرية لأكثر من 41 عامًا، واحدًا من أبرز الشخصيات في التاريخ الحديث، حيث أسهمت أفكاره ومواقفه في تشكيل الوعي الديني والسياسي.
مسيرة فكرية ونضال مستمر
ألف البابا شنودة العديد من الكتب وألقى آلاف العظات، مما جعله معلم الأجيال، كما نال الكثير من درجات الدكتوراه الفخرية من الجامعات العالمية. لدى البابا موقف واضح من القضية الفلسطينية، فهو يعتبرها قضية حق وعدالة. في محاضرة شهيرة له عام 1972، أشار إلى أن “إسرائيل لم تعد شعب الله”، لرفض اليهود للسيد المسيح. كما اتخذ قرارات جريئة مثل حظر سفر الأقباط إلى القدس المحتلة.
صمام الأمان في الأزمات
خلال فترات من التوتر الطائفي، كان البابا شنودة يشكل رمانة الميزان في المجتمع المصري. بعد التحفظ عليه لفترة طويلة من قبل الرئيس السادات، عُرف البابا بإيمانه بأن تلك الفترة كانت واحدة من أنضج مراحل حياته، حيث أسهمت في تأليفه الكثير من الكتب وانتعاش دير الأنبا بيشوي.
دعوة للوحدة الوطنية
البابا كان الرائد في دعوة الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، حيث فتح بابه لجمع المساعدات لكلا الطرفين الفقيرين. لم يكن فقط زعيمًا دينيًا، بل أيضًا كاتبًا وأديبًا، ورغم مرضه، لم يتوانَ عن أداء واجباته.
تقدير محلي وعربي
كما نالت مواقفه العروبية تقدير الحكام العرب، الذين سمحوا ببناء كنائس في دول الخليج حدادًا على جهوده تجاه الوحدة الوطنية. وعُرف عنه الالتزام الراسخ بمساعدة من يحتاج، حتى في الأوقات الصعبة.
مواقف إنسانية
وقفت البابا جنبًا إلى جنب مع زملائه في المجتمع، حيث عُرف بزيارته المستمرة للشيخ الشعراوي خلال فترة مرضه. تلك اللفتات الإنسانية لم تعزز فقط الروابط بين الأديان، بل أظهرت الجانب الإنساني لشخصية البابا.
دور قانوني ومؤثر
شاركت البابا في العديد من القضايا القانونية المتعلقة بالأقباط، وأبدى دعمه لقضية الحقوق المدنية، مؤكدًا على ضرورة الالتزام بمبادئ المواطنة والمساواة. تلقت المحاكم المصرية إشادة من قِبله عندما تم كسب قضايا تتعلق بمصالح الأقباط.
موقف ثابت ضد الضغوط
أثناء حبريته، رفض البابا لقاء أي مسؤول إسرائيلي، مما يعكس التزامه القوي بقضايا وطنه وكنيسته. كما لم يتحدث عن مشاكل الأقباط أمام أي مسؤول غربي، رغم الضغوط التي واجهها المجتمع المسيحي.
تظل شخصية البابا شنودة علامة بارزة في تاريخ الكنيسة القبطية وفي تاريخ المصريين عمومًا، بل تُعتبر أيقونة قد يستمر تأثيرها لفترة طويلة.