
أعلن المستشار محمد عتمان، الأمين العام لمجلس الشيوخ، أن هذا المجلس يُعتبر الهيئة البرلمانية الثانية داخل النظام التشريعي المصري، حيث يلعب دورًا استشاريًا محوريًا متوافقًا مع الدستور. وأشار إلى أن العديد من الدول تتبنى النظام البرلماني ثنائي الغرف، إذ يصل عدد الدول التي تتبع هذا النهج إلى أكثر من 80 دولة، منها 58 دولة تحمل فيها الغرفة الثانية اسم “مجلس الشيوخ”.
تاريخ الحياة النيابية في مصر
في حديثه مع الإعلامية بسمة وهبة، مقدمة برنامج “90 دقيقة” على قناة “المحور”، أوضح عتمان أن مجلس الشيوخ ليس وليد اللحظة، بل له جذور عميقة تمتد إلى عام 1824، عندما أسس محمد علي باشا “المجلس العالي”، ليكون الأول من نوعه في العالم العربي وأفريقيا. كانت دوره حينها مناقشة القضايا المهمة، مما جعل الحكومة ملزمة بعرضها عليه وأخذ رأيه. يوثق هذا الطرح وثيقة رسمية أعدها محمد علي لرئيس المجلس في ذلك الوقت، تعكس أهميته الكبيرة في توجيه السياسة العامة.
تاريخ البرلمان المصري مليء بالتطورات؛ ففي عام 1866، تم إنشاء “مجلس شورى النواب” في عهد الخديوي إسماعيل، وتوالت التغييرات في شكل النظام البرلماني حتى تم إصدار دستور 1923. هذا الدستور أسس نظامًا يتكون من غرفتين، هما مجلس النواب ومجلس الشيوخ، والذي استمر حتى عام 1952. بعد عدة تغييرات، استعاد البرلمان تشكيله الحالي في عام 2019 من خلال التعديلات الدستورية.
مجلس الشيوخ ودوره الحالي
في السنوات الأخيرة، أصبح لمجلس الشيوخ دور أكبر في توجيه السياسات العامة ومراقبة عمل الحكومة. يتضمن هذا الدور تقديم مشورات حول التشريعات، مما يعكس أهمية الغرفة الثانية في تعزيز الديمقراطية والتوازن بين السلطات. على سبيل المثال، خلال الجلسات الأخيرة، كان هناك نقاشات حول قضايا اقتصادية واجتماعية متعددة، مثل تحليل تأثير الأزمات العالمية على الاقتصاد المصري.
أهمية النظام البرلماني ثنائي الغرف
النظم البرلمانية ثنائية الغرف تُعتبر عنصراً مهمًا في ضمان التوازن بين القوى السياسية. ومن خلال تجربة العديد من الدول التي تتمتع بأنظمة مشابهة، يمكننا رؤيتها كوسيلة فعالة للتعامل مع التحديات المختلفة. في حالة مصر، يتيح وجود مجلس الشيوخ مجالاً أكبر لمشاركة الأحزاب والمجموعات السياسية المختلفة، مما يسهم في تحقيق مصالح متنوعة للشرائح الاجتماعية.
ومع تزايد الاهتمام بالتشريعات الاجتماعية والاقتصادية، يظهر المجلس كمنصة للحوار والنقاش البناء، مما يعكس عمق الحياة السياسية في مصر. كما أن التعامل مع قضايا مثل التعليم والصحة والبيئة يمثل فرصة لمجلس الشيوخ لتعزيز دوره كهيئة استشارية فاعلة.
التحولات المستمرة في نظام الحكم وتجديد الهياكل المؤسسية قد تكون دليلاً حتميًا على أهمية تعزيز الأداء التشريعي وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية. يمثل مجلس الشيوخ المصري تجسيدًا لرؤية مستقبلية تحتاجها البلاد، وضرورة في إطار التحديات التي تواجهها في العصر الحالي.