
العلاقات الصينية الأوروبية: شراكة معقدة في زمن الأزمات
تتخذ العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي طابعًا معقدًا يشبه إلى حد بعيد “شراكة الضرورة”. رغم التباين الكبير في المواقف بين الجانبين، تتعدد القضايا التي تثير القلق، ومن بينها الحرب الأوكرانية، العلاقات الصينية – الروسية، المنافسة الاقتصادية، وحقوق الإنسان. يُنظر إلى الصين من قبل بعض القادة الأوروبيين على أنها “خصم منهجي”، ومع ذلك فإنها تظل أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، حيث تعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري بعد الولايات المتحدة.
الأرقام التجارية
شهدت التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي نمواً ملحوظاً، حيث بلغت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الصين في عام 2024 نحو 213.3 مليار يورو، في حين بلغت الواردات 517.8 مليار يورو، مما أسفر عن عجز تجاري قدره 304.5 مليار يورو. تبقى الصين أكبر شريك للاتحاد الأوروبي في الواردات، حيث تأتي ألمانيا في المقدمة بصادرات تصل إلى 90 مليار يورو، تليها فرنسا وهولندا بمبلغ 24 مليار يورو لكل منهما.
القمة الصينية الأوروبية بوصفها نقطة تحوّل
في الأسبوع الماضي، انعقدت القمة الصينية – الأوروبية في بكين احتفالا بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. على الرغم من أنه كان من المقرر عقد هذه القمة ال25 في بروكسل، إلا أن اعتذار الرئيس الصيني شي جين بينغ عن عدم الحضور أدى إلى تغيير الوجهة ومدة القمة. في كلمته الافتتاحية، دعا الرئيس شي إلى اتخاذ “خيارات استراتيجية صحيحة في مواجهة التحديات العالمية”، مشيرًا إلى القلق الأوروبي تجاه السياسات الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية.
القلق الأوروبي من الفائض التجاري
تنامت المخاوف الأوروبية التي تعبر عنها رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بشأن العجز التجاري المتزايد، حيث أبدت قلقها من أن العلاقات “وصلت إلى نقطة انعطاف”. انتقدت فون دير لاين، بشكل مباشر، بكين بسبب تعزيز العلاقات التجارية مع روسيا في ظل الحرب الأوكرانية، محذرة من أن “الاختلالات تعمقت”، مما يتطلب إيجاد حلول فعالة لإعادة التوازن.
التعاون في مجال المناخ
رغم التوترات، تركز الطرفان على القضايا المناخية، وقد توافقا على تعزيز التعاون في التحول الأخضر وتقليل الانبعاثات. كما جرى التأكيد على دعم “اتفاق باريس للمناخ” والدعوة إلى بذل مجهودات مكثفة لتحقيق نجاح قمة المناخ المقبلة في البرازيل “كوب 30”. بالإضافة إلى ذلك، تم التفاهم على إنشاء “آلية تصدير محدثة” بشأن المعادن النادرة، مما يسهم في تسريع إصدار تراخيص تصدير هذه المواد الحيوية للصناعات المتقدمة.
نتائج القمة
على الرغم من أن النتائج التي حققتها القمة قد لا تتماشى مع التوقعات المرتفعة، إلا أنها قد تمثل بداية لنقاشات مستقبلية أكثر عمقًا بين الصين والاتحاد الأوروبي، لعلها تكون حجر الأساس لعلاقات أكثر استقرارًا وتوازنًا في ضوء التحديات العالمية المتعددة.