
تداعيات سياسة سعر الصرف على الاقتصاد المصري
خلفية اقتصادية
تستمر الأحاديث حول سياسة البنك المركزي المصري، لاسيما في ظل الشكوك التي تحيط بأداء الاقتصاد الوطني في السنوات الأخيرة. تكشف المؤشرات الاقتصادية أن النهج الذي اتبعه المحافظ السابق طارق عامر خلال فترة ولايته حتى عام 2022 لم يكن بالفعالية المطلوبة. في هذا الإطار، تبرز تصريحات الدكتورة عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة بجامعة القاهرة، التي انتقدت سياسة تثبيت سعر الصرف.
عوامل تأزم الوضع الاقتصادي
تشير المهدي إلى أن تثبيت سعر الدولار عند مستوى معين لأكثر من ثلاث سنوات كان قرارًا يعكس عدم تناسق مع المتغيرات الداخلية والخارجية. وقد استقر سعر الدولار خلال هذه الفترة عند حوالي 16 جنيهًا، بينما كان الوضع الاقتصادي في تغير مستمر. إضافة لذلك، فإن الفجوة الكبيرة بين الواردات والصادرات – إذ تُقدّر الواردات بحوالي 80 مليار دولار مقابل صادرات تفوق 50 مليار دولار – جعلت الطلب على الدولار يفوق معروضه، مما يفسر عدم فعالية سياسة التثبيت.
تأثير التضخم على الاستقرار
علاوة على ذلك، تؤكد المهدي أن ارتفاع معدل التضخم في مصر مقارنة بالعديد من الشركاء التجاريين هو عامل إضافي يضعف أي منطق يسمح بتثبيت سعر الصرف. هذه المعطيات تجعل الحفاظ على سعر ثابت غير منطقي، وقد أسفر هذا الخيار عن تداعيات سلبية، مثل زيادة الاعتماد على الاستيراد وظهور أزمات اقتصادية متعددة.
الأبعاد العملية للأزمة
في السياق الحالي، بات ضرورياً تناول تداعيات هذه السياسات على مستوى الأفراد والشركات. يشهد السوق المحلي ارتفاعاً حاداً في أسعار السلع الأساسية، مما يثقل كاهل المواطن المصري، خصوصاً في ظل تزايد الضغوط على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
على سبيل المثال، يمكن رؤية آثار هذا التثبيت في الزيادة المستمرة في أسعار المواد الغذائية، حيث شهدت أسواق مصر تقلبات غير مسبوقة في الأسعار. مدعومة ببيانات من الإحصاء، زادت أسعار بعض السلع الأساسية بنسبة تصل إلى 50% خلال العام الماضي، مما أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للأسر.
الأزمات العالمية وتأثيرها المحلي
علاوة على العوامل الداخلية، قد يكون لعدم الاستقرار الجيوسياسي والأزمات العالمية تأثير كبير على الوضع الاقتصادي في مصر. انعدام التوازن في التجارة الخارجية وتزايد الاحتياجات من الدولار وسط أداء اقتصادي متقلب يعيد تسليط الضوء على أهمية اتخاذ قرارات اقتصادية مرنة وقائمة على البيانات الواقعية.
نظرة مستقبلية
تعتبر استشراف السياسات الجديدة للبنك المركزي أمراً حيوياً في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. إذا كانت هناك نية لتصحيح المسار، فإن السياسات الاقتصادية المقبلة يجب أن تعكس فهماً عميقاً للأدوات النقدية والمالية المناسبة لمواجهة الأزمات المتتالية.
بهذا السياق، يصبح الحوار حول كيفية إعادة هيكلة السياسات النقدية ضرورياً لضمان استدامة الاقتصاد المصري وتعزيز القدرة التنافسية في الأسواق العالمية.