
شوقي بزيع: “المبدعون عشّاقاً” بين العواطف والإبداع
في عالم الأدب والفكر، تتداخل العواطف مع الإبداع بشكل معقد ومثير. من هنا، يأتي كتاب شوقي بزيع بعنوان “المبدعون عشّاقاً – فتنة اللاممتلك وسحر المنادى الغائب” (دار المدى) ليكشف لنا عن الروابط العميقة التي تجمع المبدعين العالميين بين الحب والفقد. يقدم الكتاب دراسة مكثفة توضح كيف تنعكس تجارب الحب في مسارات حياة هؤلاء المبدعين.
تجارب إنسانية متنوعة
أختار بزيع أن ينسج خيوط حياته العاطفية للمبدعين من مختلف الثقافات والجنسيات، مؤكداً أن الأسى والفقد يجمعان بينهم بغض النظر عن خلفياتهم. من خلال توثيق تجاربهم، يسلط الضوء على ما يتجاوز الأسطورة ليغوص في القصص الإنسانية الحقيقية التي تقف وراء الأعمال الأدبية العظيمة.
أسلوب كتابة مبتكر
ما يميز هذا الكتاب هو الأسلوب الكتابي الذي يعتمد على دمج البحث الأكاديمي مع الإبداع الأدبي. يكسر بزيع القالب التقليدي للكتابة الأكاديمية وينتقل إلى شكل أكثر تواصلاً، حيث يقدم المقالات في قالب فني يعكس عواطف الكاتب. استخدامه لعناوين مقالات تبدأ باسم المعشوقة يرسل إشارة قوية عن تقديره لرمزية المرأة في العالم الأدبي، مما يرسخ في عقول القراء إحساس “شاعر المرأة” الذي ميز أعماله السابقة مثل “كأني غريبك بين النساء”.
تعددية الأصوات الأدبية
لا يكتفي بزيع بدراسة الأسماء المعروفة مثل نيتشه وجبران خليل جبران، بل يمتد ليشمل أدباء وشعراء أقل شهرة، مثل ذو الرمّة وميسترال، مما يخلق فضولاً لدى القارئ لاكتشاف عوالمهم وتجاربهم المبدعة. فهو يسعى إلى أن يكون كتابه مرآة تعكس تنوع الوعي الأدبي من خلال تناول تجارب هؤلاء المبدعين من مختلف الأزمنة والثقافات.
المأساة كقصة مشتركة
في لب المادة، يخلق بزيع جسراً يربط عبره مآسي العشاق المبدعين بتقنيات سردية تحاكي القصص. سواء من خلال مقارنة العلاقات العاطفية لبعضهم البعض أو بربط مساراتهم الحياتية بهدف توضيح تجاربهم المشتركة. نقل هذه المشاعر والأحداث لا يهدف فقط إلى التوثيق، بل لتقديم رؤى عميقة حول كيفية تأثير العواطف على الإبداع.
النص حكاية
بعيداً عن التقارير العلمية، يرتب بزيع مقالاته بطريقة سردية تجعل من النص أقرب إلى الحكاية. يبدأ بتوصيف العلاقات، تليها سير ذاتية مختصرة عن المبدعين، ليصل إلى لب القصص والعلاقات. هذا الأسلوب الذي يفضي إلى كسر الرتابة يفتح المجال أمام القارئ لاستكشاف أعمال أدبية قد تكون بعيدة عن اهتماماته السابقة.
انطلاقة جديدة في الكتابة
إن كتاب “المبدعون عشّاقاً” ليس مجرد توثيق لتجارب المبدعين، بل هو دعوة للمؤلف ورحلة للكتابة بجوانب متعددة. يحمل الكتاب في طياته إمكانية فريدة لاستكشاف الأبعاد الإنسانية في الإبداع، مما يجعله نقطة انطلاق نحو مغامرات أدبية جديدة قد تشمل قصصاً وروايات. لذا، لا يكتفي بزيع بتقديم تجربة علمية فريدة، بل يترك الأبواب مفتوحة أمام تجارب أدبية مستقبلية قد تعكس تلك الأبعاد الإنسانية العميقة التي بها تتألق العواطف.