
تحولات جديدة في السياسة الدولية تجاه فلسطين
مقدمة
في خطوة تعكس تغيرات كبيرة في المشهد الدبلوماسي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين بحلول سبتمبر، إذا لم تتخذ إسرائيل خطوات ملموسة تجاه وقف الحرب في غزة وتخفيف إجراءات ضم الضفة الغربية. هذا الإعلان يأتي في ظل تصاعد الأزمات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، ويدفع باتجاه إعادة النظر في العلاقة بين الغرب وإسرائيل.
تصعيد الضغوط الدولية
لعبت الأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة دورًا بارزًا في هذا التحول. فقد أظهرت التقارير انتشار الجوع والفقر بشكل خطير، مما جعل المجتمع الدولي تحت ضغط متزايد للتحرك. تأتي تصريحات ستارمر بعد لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث أعرب عن قلقه في مواجهة هذه الأزمات.
في السياق ذاته، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضًا على اعتراف بلاده بدولة فلسطين خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعكس تكاتف دول أوروبية نحو موقف أكثر حزمًا تجاه المسألة الفلسطينية.
ردود الفعل في واشنطن وتل أبيب
بالرغم من الضغوط الأوروبية، موقف إدارة ترامب بدا متمسكًا بموقفه، حيث نفي ترامب أن تكون مسألة الاعتراف بفلسطين قد نوقشت في لقائه مع ستارمر، معتبرًا أن ذلك سيكون “مكافأة لحماس”. وهنا يظهر تناقض المواقف بين واشنطن ولندن، مما يضع إسرائيل، بقيادة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، في وضع محرج أمام المجتمع الدولي.
دور ألمانيا وهولندا
على صعيد آخر، تواجه الحكومة الألمانية، برئاسة المستشار فريدريتش ميرتس، ضغوطًا متزايدة للحذو حذو بريطانيا وفرنسا. فإما أن تتبنى موقفًا أكثر توازنًا أو تتعرض لانتقادات من داخل حكومتها. في هذا السياق، جاءت خطوة الحكومة الهولندية بحظر منح تأشيرات دخول لوزيرين إسرائيليين متطرفين، لتأكيد الجدية في مواجهة السلوك الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
مؤتمر الحل السلمي
عقد مؤتمراً تحت رعاية فرنسا والسعودية حول حل الدولتين في الأمم المتحدة، والذي أكد على الحاجة الملحة لإحياء هذا الحل. وقد تبع المؤتمر إعلان من 15 دولة، بما في ذلك كندا وأستراليا، عن نيتها الاعتراف بفلسطين. هذه التحولات تشير إلى انطلاق موجة جديدة من الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.
التأثيرات على السياسة الأمريكية
على الرغم من عدم امتلاك الدول الأوروبية والعديد من الدول الأخرى لوزن عسكري كافٍ مقارنةً بالولايات المتحدة، إلا أن هناك تأثيرًا دبلوماسيًا كبيرًا يمكن أن يحمله هذا الاعتراف. فعلى الرغم من أن 147 دولة من أصل 193 في الأمم المتحدة قد اعترفت بفلسطين، فإن اعتراف دول ضمن مجموعة الدول السبع الكبرى ومجموعة العشرين قد يعزز موقف فلسطين ويحدث تأثيرات عملية في المستقبل.
خلاصة
إن اعتراف المملكة المتحدة بفلسطين، إذا تحقق، سيمثل خطوة رمزية هامة قد تعوِّض عن وعد بلفور منذ قرن. وفي ضوء هذه التحولات، يبدو أن إدارة ترامب مضطرة لبذل جهود أكبر للضغط على إسرائيل في سبيل تحقيق الحد الأدنى من الأمن والسلام، مما قد يعيد الاهتمام بمسار حل الدولتين بشكل جدّي.